قراءة في ديوان قمر المغارب للدكتور / يسرى العزب بقلم حاتم عبدالهادى السيد

Admin عدد الرسائل : 292 تاريخ التسجيل : 19/01/2008

[size=16]قراءة في ديوان قمر المغارب
للدكتور / يسرى العزب
بقلم
حاتم عبدالهادى السيد
Hatem_20083@yahoo.com

يعد د. يسري العرب واحداً من رواد شعر العامية في مصر ، بل أزعم أنه مدرسة
خاصة ، خرّجت جيلاً من المبدعين ، في أقاليم مصر المختلفة . وقد أصدر
رائدنا عدة دواوين منها " فوازير فلاحية 1971م ، تغريبة عبد الرازق الهلالي
1984م ، شجرة مريم 1992م ، خيال المقاتة 1993م ، ميلاد البحر1996م ، وش
الضهر 2001م ، قمر المغارب 2003م ، كما أصدر العديد من الدراسات الأدبية
والنقدية " .
وفي ديوانه " قمر المغارب " نلحظ فلسفة الشعر متوزّعة عنده بين : الحب
كموضوع ، وبين الوطن كمساحة متسعة للبوح ، وأحسب أنه مهموم بديمومة الوطن
والسلطة ، ونقد المجتمع ، لذا نراه يسهب في وصف الغيطان والمزارع ويتذكر
مسقط رأسه في "ديمشلت" ، ويقرن التجربة الوطنية ، بالتجربة الرومانسية ،
يقول :
لإنك مصر يا واحدة
ما فيش منك
ويا أذكي من الملايين
ويا أغلي ما في الغاليين
عينيكي سلسلة ضهري
وأنا ليكي عمود فقري
وفي ايديكي رغيف بتّاو
وجبنة قريش
وخبزة عيش مليتي كل قريتنا
شبعنا بيكي كلتّنا
لأنك انتي نور دورنا
وعقل لكل عزوتنا
و"ديمشلت" يا ليلي اللي بتحبك
مانامتش لحد الآن
فصحّيها وقوّيها
من الأعلى إلي الأدنى
واهي طالعة لآخر فوق
لقمة مجد أوطاننا .
وليلي - هنا – هي محبوبة الشاعر ، أو ملهمته ، التي يبكي فقدها ، فهي
قصيدته التي لم يكملها ، كما صدّر ذلك في الإهداء: ( إلي ليلي محمد علي ،
قبل الشعر وبعده ، قصيدة لم أتمّها حتي نلتقي ثانية ، فأكتمل من جديد ) .
إن الديوان إذن هو بكائية طويلة بطلها (قمر المغارب) – وهو اسم الديوان ،
ذلك الذي يطلع علي الفلاحين الكادحين في الليل ، وعلي العشّاق بجانب كورنيش
النيل ، يقول في قصيدته ( قمر غرقان) :
قمر طيب
وحاضن نور قمر طيب
وفارش فوق سطوح العمر
منور تحت قاع البحر
ويطلع بيه لفوق الفوق
ويرسي في شطكم بالشوق
ويأكل ثاني من خيرك
وينسي كل شيء غيرك
ويهني له طيرك
يرشرش ع الوجود نورك
وتكثر بين أيديه سواقيه
فأرجوكي يا بنت الإيه
تحافظي عليه .
وفي قصيدته (جنون) نلحظ التّحول في قمر المغارب ، فبعد أن وصفه بالقمر
الطيب نراه يصفه بالقمر المخنوق ، وهذا يعكس حالته النفسية والوجدانية
يقول:
( عيال الشارع الطيب
بيتخانقوا
علي حبك
وليهم حق
في وسط الضلمة جيتي لهم
قمر مخنوق من العتمة
وشديتي القلوب ليكي
ولد مجنون
حدف قلبه علي أيديكي
ولد مجنون
خطف قلبه رماه في الأرض
ولد مجنون
وقف ساكت
صعبتي عليه
ملا دمعه الطريق
شدك لتعذيبه
وصلتي ليه وعذبتيه .
وفي قصيدته ( بسمة ) نراه يمسك بجواد الحروف ، ويشكّلها لغوياً ، وتصورياً
، وجمالياً ، فيعيد رتق الحرف ليشكل عالماً للحب المليء بالشّجو ، والشجن ،
عالماً يغزل فيه من صوف اللغة صهد الكلام المنقوش علي قطيفة الحلم الممتد
يقول :
لما الأ نامل زغرطت
قلبي انتشي بالنور وآه ...
هدّ الجسور
ع السور ، شبا
ولمس شبابيك الريا
حبّك
وقام
حبّك
حباً
في حضني
مليون
مرحبا
واتشد حيلي
اللي كبا
من ألف عام
ونهض قوام
غني الحمام
واتمدّ نورالرّب بسلوك كهرباء
غطّي بلدنا كلها بالمجد
لبست توب صبا
لحن الصبا
سمّع طروب
زرع الغيطان
وطرح بنات المستحيل
هذا وتتوزع تجربة شاعرنا في هذا الديوان – فيما أحسب – بين ثنائية الحب
والوطن ، فالمحبوبة هي الوطن ، والوطن هو المحبوبة ، ويبقي الحب هو التجربة
الإنسانية التي يراها الشاعر عبر الحقول ، وفي المدن والصحاري ، بل في
الليل والنهار، وفي الحلم والواقع ، وهو هنا يعيد للرومانسية مجدها الذي
انحسر من خلال المجتمع ، أي أن شعره الرومانسي يصوغه بفلسفة اجتماعية
تجعلنا نحلّق معه إلي قمر المغارب الذي رآه ، والذي تجمّعنا معه في رؤيته
للواقع ، وللكون والحياة.
إن هذه القراءة المتعجلة لا تكشف بالطبع عن جماليات الشعر في الديوان ،
ولكنها تقدم لنا – أي للقارئ – مفتاح الدخول إلي عالم الشعر لدي الشاعر،
وعلي القارئ أن يكتشف بنفسه هذه اللآليء ، وهذا التشكيل السحري الجميل.

حاتم عبد الهادي السيد
رئيس رابطة الأدباء العرب
مصر – شمال سيناء –العريش – ص ب 68
Hatem_20083@yahoo.com
0119629883 +002

[/size]