مصر من ثورة
التصحيح إلى مشروع تصفية الحسابات
بقلـم
رمزي
صادق شاهين
قبل
أيام من تنحي الرئيس مُبارك عن الحكم ، وبعد أن اتضحت الصورة بأنه لا مجال لغير
حصول التغيير الجذري لإنقاذ البلاد من آتون الحرب الأهلية ، ونجاح الثورة المصرية
العشوائية من تحقيق مُعظم أهدافها بدأت بعض التسريبات تظهر للإعلام بأن هناك مسئولين
سوف يكونوا عرضه للمسائلة القانونية أمام النائب العام والقضاء المصري بتهمه
الفساد المالي والإداري .
إلا
أن الملاحظ أن الشعب المصري العظيم الذي قام بالثورة ، بدأ ينجر وراء مجموعة تريد
وقف عجلة الحياة من جديد ، فبعد أن قرر الجيش أخذ زمام الأمور من أجل مصلحة البلاد
، بدأت بعض الأصوات تعلو لتحاول عرقلة هذه المسيرة ، وكأن القضية اليوم أصبحت ليست
إسقاط نظام الرئيس مُبارك ، بل هو مشروع انتقام من كُل الأقطاب التي شاركت في حكم
مصر سواءاً كانوا موالين للرئيس مُبارك أم كانوا عبارة عن شخصيات تقلدت الأمور
وتحملت مسؤوليات وطنية أو حكومية بحكم أمور أخرى .
مشروع
تصفية الحسابات اليوم أصبح يُطرح في الإعلام ، وبالتأكيد هناك هيئة تم تشكيلها من
أجل بحث كُل الشكاوى التي ترد والمتعلقة بقضايا فساد مالي وإداري ، لكن السؤال هنا
الذي يطرح نفسه ؟ هل من المعقول أن يتم فتح مثل هذا الملف في مثل هذه الظروف ، وهل
يريد البعض تصوير الأمور وكأنها كانت تسير بطريقة مخالفة لكُل القوانين والشرائع
والمواثيق .
بالتأكيد
إن فتح هذه الملفات هو ضرورة ، لكن المهم الآن هو إعادة الأمور في مصر إلى وضع
يستطيع فيه المواطن الشعور بأنه هناك تغيير بدأ على الأرض ، فالحياة فيها صفحات
بيضاء أيضاً ، ولا نريد أن تصبح مصر عبارة عن مادة لوسائل الإعلام وكأنها مجموعة
فاسدة وليس فيها أناس أشراف ومناضلين وأصحاب تاريخ مُشرف .
إن
مشروع تصفية الحسابات لن يٌغلق إذا تم فتحه ، فليس كُل ما يٌقال يجب أن يُصدق ،
فهناك من يريد الآن تعطيل مشروع الإصلاح السياسي والمالي والإجتماعي ، من خلال
إظهار السوداوية فقط ، وللأسف فإن بعض رجال الإعلام بدؤوا بالحديث أمام الإعلام
وكأنهم لم يكونوا بالأمس مع هذا النظام ، فالكل الآن أصبح يتسابق لتبرأه نفسه من
نظام الرئيس مُبارك .
بالأمس
تسابق جزء من هؤلاء لمديح هذا النظام ، واليوم انقلب هذا الجزء وأصبح يتملق
المعارضة ويُصور شباب ثورة 25 يناير أنهم من صنعوا التاريخ المصري من جديد ، وبذلك
شطبوا مئات السنوات من النضال المصري ، وعشرات ألآلاف من الشهداء الذين رووا مصر بدمائهم
لأجل العروبة والكرامة العربية ، ونسوا أن هناك جنوداً مجهولين كانوا يقولون لا في
وقتها ولكن للأسف كانت هذه اللا تُقال في الظلمة .
إن
شعبنا المصري العظيم مطالب الآن بالنهوض بحركة تُعيد لمصر صورتها الناصعة البيضاء
، بعيداً عن نظرية المؤامرة ومشاريع التخوين وتصفية الحسابات ، فالإقتصاد المصري
الآن متوقف ، والحياة متوقفة ، وكُل يوم يُمر دون إنتاج بالتأكيد يعود بالسلبية
على هذا الوطن الجميل .
&&&&&&&&
صحفي
وكاتب فلسطيني
rm_sh762hotmail.com
15/2/2011م